رئيس التنظيم هو الشخص الذي يملك السلطة التنفيذية الكاملة في التنظيم وهو الذي يوجه قوته وينفذ سياساته بعد أن تكون قد تأسست في اجتماعه العام أو بقانون أو اتفاقية أجازتها أجهزته المخولة. وأي عمل تؤديه قوة التنظيم يؤدى عن طريقه. يحدد النظام الأساسي مسمى الرئيس وسلطاته وواجباته ومسئولياته وطبيعة وظيفته. يقوم الرئيس بالمهام الآتية:
يكون الإداري الأول في التنظيم، ويرأس مكاتبه واجتماعاته.
يعبر عن آراء التنظيم ويمثله أمام الغير وأمام القضاء، ويدلي بالمناسب من الخطب والتصريحات باسمه، ويتحدث دفاعاً عن تصرفات لجانه وعن نشاط أعضاء مكاتبه التنفيذية والعاملين في أجهزته.
يقود الحملات الانتخابية إذا كان التنظيم حزباً سياسياً مثلاً، وحملات جمع المال والاستقطاب والدعوة والتجنيد.
يبرم المعاهدات والاتفاقيات مع التنظيمات الأخرى بالتشاور مع المكتب التنفيذي.
يراقب ويتابع نشاط التنظيم وأداء موظفيه، ويعين أعضاء لجانه المستديمة، ويوقع على الخطابات والوثائق التي تحمل إرادته، ويضع مع باقي أعضاء التنظيم ورؤساء أجهزته نظمه الإدارية ويحدد المسئوليات ويوزع المهام.
يعمل على أن يلتزم التنظيم بوثائقه الحاكمة والقانون، ويستجيب دون إبطاء لكل التوجيهات والتعليمات الصادرة من جهات أعلى خصوصاً ما تعلق منها بالتخطيط والتنظيم والمراجعة.
ولتحقيق مهام الرئاسة والاضطلاع بأعبائها، على الرئيس أن يمتلك المؤهلات والخبرة والصفات اللازمة لشغل منصبه وأداء مهامه بطريقة مقنعة. فزيادة على أنه يجب أن يكون موضع ثقة أعضاء التنظيم ويحظى بقبولهم واحترامهم، عليه أن يمتلك الشجاعة التي تمكنه من قيادة تنظيمه وتحقيق النصر له في كل معاركه، وأن يكون قادراً على التخطيط السليم، وعلى توحيد الأعضاء خلفه وتجميع قواهم وتسخير إمكاناتهم ودعم مبادراتهم، وأميناً في تعامله معهم، وعليه أن يزيد من ثقتهم بأنفسهم وفي بعضهم بعضاً ومن روح انتمائهم لتنظيمهم.
الرئاسة، أو رئاسة الهيئات التداولية، التي تعنيها قواعد المداولات هي التي يتحصل عليها الرئيس بواسطة إجراء يعتبره الأعضاء نظامياً وقانونياً ومقبولاً. تمثل الرئاسة المشروعة طموحات التنظيم بحق وصدق وتتصرف نيابة عنه بموضوعية وتحكمه عن رضى وقبول به وبالتنظيم وبإجراءاته.
ارتبطت رئاسة بعض التنظيمات بولاء لزعامة دينية أو عرقية أو لمؤهلات أو مميزات في شخص الرئيس. وقد تكون تلك الزعامة من صنع فئة. في أغلب هذه الحالات يكون للزعيم وضع متميز في التنظيم، وقد يتسم أداؤه بنزعة فردية واضحة تبعده عن التعامل من خلال قنوات المؤسسة، بل قد يصبح هو المؤسسة ورمزها الأوحد. وقد تصل النزعة الفردية به لأن يقرر وحده في كل شئون التنظيم كبيرها وصغيرها. وقد يضيق بالرأي المخالف بكل ما يحمل هذا الضيق من صنوف إسكات الرأي الآخر.
ما يهمنا في هذا السياق هو أن مثل هذا النوع من الزعامة وإن ارتضته فئات وشرائح عريضة في كل مجتمع، إلا أنه يؤثر في الغالب على حياد وموضوعية أعضاء التنظيم ويجعل منهم تابعين ممتثلين، وقد يسلبهم إرادتهم وحقهم في أن يقرروا بحرية، وقد يؤثر على تقييمهم للأمور ويحد من فعالية مشاركتهم في إدارة شئونهم وشئون تنظيمهم، وقد يجعلهم يسقطون حقوقهم في سبيل إرضاء (الزعيم) تفادياً لسخطه أو اعتقاداً بأن تفويضهم إياه للتصرف نيابة عنهم فيه تأكيد لولائهم ولعقيدتهم السياسية أو الدينية. وقد يقلل هذا النوع من الولاء أيضاً من فعالية التنظيم الذي يسود فيه حين يصبح همُ التنظيم هو تأكيد وتوطيد دعائم ذلك الولاء.
لا يملك رئيس التنظيم أي سلطات أكثر من أي عضو آخر في التنظيم، وعندما يكون رئيساً لاجتماع من اجتماعات التنظيم، فإنه لا يملك أثناء إدارته للاجتماع أي سلطات أكثر من تلك التي تعطيها إياه النظم المتبعة. لكن قد يعطي عقد التأسيس أو النظام الأساسي أو القانون أو قرار من المكتب التنفيذي الرئيس سلطات إضافية. وقد يكفل له العرف المتبع أو تعطيه طبيعة التنظيم ونوع مهامه سلطات أخرى. فقد تعطي شركة من الشركات مديرها مثلاً سلطات مالية وتجارية واسعة تقتضيها مصلحتها وحركة السوق، وتمكنه بذلك من اتخاذ القرارات المناسبة. أما رئيس النادي الثقافي فغالباً ما يكون محدود السلطات. وقد يكون لبعض التنظيمات رئيس لكنه لا يمارس أي أعباء تذكر، ويقوم الأمين العام أو المدير العام للتنظيم أو أمين المكتب التنفيذي بكل المهام التنفيذية.
للرئيس الحق في أن يفوض بعض اختصاصاته المستمدة من القانون أو عقد التأسيس أو النظام الأساسي إلى أحد مرؤوسيه بصفته الشخصية، وينقل بالتالي ذلك الجزء من الاختصاص للمفوض إليه بما يمنعه من ممارسته. أيضاً، يمكن للرئيس أن يفوض أحد أعضاء المكتب التنفيذي في أن يوقع نيابة عنه. لكن تفويض التوقيع لا يتضمن نقلاً للاختصاص، وبالتالي لا يمنع الرئيس من ممارسة ذات الاختصاص رغم التفويض. وفي الغالب يتم تفويض التوقيع على أساس اعتبار شخصي في المفوض إليه وثقة خاصة فيه، ومن ثم ينتهي إذا تغير المفوض أو المفوض إليه. القرارات التي يعتمدها المفوض إليه بالتوقيع عليها لا تنسب إليه وإنما تنسب إلى المفوض وتأخذ مرتبة قراراته.
تنتخب بعض التنظيمات الكبيرة قبل عام مثلاً من نهاية دورتها رئيساً تسميه بالرئيس الثاني، وتعني به الشخص الذي يخلف الرئيس الحالي تلقائياً عندما تنتهي فترة رئاسته المنصوص عليها. بالتالي، لا ينتخب التنظيم في دورته الانتخابية رئيساً بل ينتخب رئيساً ثان وباقي أعضاء المكتب التنفيذي. والرئيس الثاني هو في حقيقة الأمر رئيس تحت التمرين للدورة التالية.
عندما يكون لتنظيم من التنظيمات رئيس ثان، لا يستطيع هذا التنظيم أثناء أي دورة من دوراته إعادة النظر في من سيكون رئيسه التالي إلا إذا أخلى الرئيس الثاني بنفسه ذلك المقعد أو أقيل لسبب معقول. يحتل الرئيس الثاني في سلم الأهمية المرتبة التالية مباشرة للرئيس الحالي يليه نائب الرئيس إن كان هناك منصب بهذا الاسم. يترأس الرئيس الثاني اجتماعات التنظيم في غياب الرئيس ويحل محله في حالة استقالته أو إقالته أو موته ليكمل باقي مدة المنصب. لا يكون للتنظيم رئيس ثاني إلا إذا نص النظام الأساسي على ذلك.
قد يكون رئيس التنظيم غير منتخب بواسطة أعضاء التنظيم الذي يترأسه، فقد يكون معيناً من جهة أخرى. للرئيس المعين ولاءان: واحد للجهة التي عينته وآخر للجهة التي يتولى رئاستها. وولاؤه للجهة التي عينته عادة أقوى لأنه يدين لها بالوظيفة التي يشغلها. من المهم في مثل هذه الحالات، أن توزع الجهة المسئولة السلطات والمسئوليات بوضوح بين الرئيس والتنظيم الذي يرأسه ليعرف كل طرف حدوده ولا يضطر الرئيس مثلاً لأن يترأس اجتماعاً يناقش مسألة تعرض منصبه للخطر أمام الجهة التي عينته.
قد يكون الرئيس أيضاً هو الشخص الذي قام بتعيين كل الأعضاء الذين يخدمون تحته، وبيده لذلك فصلهم ومفاتيح ترقياتهم ومكافاءاتهم. عندما يترأس هذا الرئيس اجتماعاً من الاجتماعات، قد لا يستطيع الأعضاء فيه أن يختلفوا مع رغباته بالوضوح اللازم. ولتفادي هذا الخلل، على النظم المتبعة أن تحمي الرئيس والأعضاء فتنص بوضوح على سلطات الرئيس وسلطات باقي الأعضاء وحدود كل سلطة.
عندما يكون رئيس التنظيم غائباً ولا يكون للتنظيم نائب للرئيس أو حينما يكون نائب الرئيس غائباً أيضاً، يدعو أمين المكتب التنفيذي الاجتماع للانتظام. أما في حالة غياب أمين المكتب التنفيذي، فيدعوه أي عضو آخر. وقد جرى العرف على أن يختار الأعضاء أكبرهم سناً ليدير الجلسة مؤقتاً. يتنحى أي شخص ترأس الاجتماع مؤقتاً عن المنصة عندما يصل الرئيس أو نائب الرئيس أو عندما يتم انتخاب رئيس مؤقت.
إذا كانت هناك أي أسباب جعلت الرئيس أو نائبه عاجزين عن مواصلة عملهما لفترة طويلة، وأراد التنظيم أن يترأس الرئيس المؤقت أكثر من اجتماع، عليه أن يخطر الاجتماع بأنه سيتم في الاجتماع القادم انتخاب رئيس مؤقت وأنه حين ينتخب سيترأس اجتماعات التنظيم لبعض الوقت، وأن يضمن هذا الإخطار في الدعوة لذلك الاجتماع.
يمكن أن يكون للتنظيم نائب للرئيس لينوب عن الرئيس أثناء غيابه، ويقوم مقامه في تمثيل التنظيم وفي إدارة اجتماعاته، ويحل محله في اختصاصاته. يتم اختيار نائب الرئيس عادة بنفس الطريقة التي تم بها اختيار الرئيس. تكون القرارات الصادرة من نائب الرئيس في نفس مرتبة قرارات الرئيس، لكن لا يكون الرئيس مسئولاً عن أخطاء نائبه أثناء حلوله محله.
ليس لنائب الرئيس أي سلطات أخرى ملازمة لمنصبه، لكن يمكن أن تكون له مهام وسلطات إضافية يعطيه إياها القانون أو عقد التأسيس أو النظام الأساسي أو تعطى له بقرار أو يفوضه إياها الرئيس.
ونائب الرئيس عضو في المكتب التنفيذي، وبهذه الصفة يمكنه أن يرفع للمكتب التنفيذي تقريراً عن أعمال أي لجنة مستديمة يرأسها.
إذا نص النظام الأساسي على أن للرئيس الحق في أن يكون عضواً بحكم منصبه في كل اللجان وأن يعين كل أعضائها (عدا لجنة الانتخابات)، هذا الحق امتياز أعطاه إياه النظام الأساسي وليس جزءاً من مهام منصبه. وبالتالي لا يتحول هذا الامتياز لنائب الرئيس في حالة إنابته عنه مؤقتاً. أيضاً، ولنفس الأسباب، لا يحل نائب الرئيس محل الرئيس في أي لجنة كان الرئيس عضواً فيها بحكم منصبه ما لم يعط ذلك الحق بنص.