تطلب أغلب التنظيمات من أعضائها أن يتحلوا بأخلاق حميدة وبسلوك قويم منضبط. كما تضع بعضها وتطبق معايير أخلاقية معينة تلزم بها أعضاءها كالمواثيق وأنواع القسم المختلفة، وتضع ضوابط خاصة تراقب بها سلوكهم داخل وخارج الاجتماعات، وتضع الإجراءات التأديبية اللازمة. فلا حصانة لأي عضو في أي تنظيم من المساءلة أو المحاسبة المنصوص عنها التي تطبق على الجميع دون تفرقة.
وقد يخطئ عضو من أعضاء التنظيم وقد تخطئ قيادة من قياداته أيضاً. على التنظيم أن ينمي في أعضائه روح النقد لأنفسهم ولغيرهم وللتنظيم وقياداته، وأن يتم كل ذلك، وفي كل مستوى، بروح سمحة وصدر رحب. وأن يختبروا المسائل وينظروا إليها بعقل متجرد دون عناد متعمد أو تعصب لموقف أو رأي مسبق.
يمكن لأي عضو من أعضاء أي تنظيم من التنظيمات أن يستأنف أثناء أي اجتماع يشارك فيه ضد أي حكم أصدره رئيس ذلك الاجتماع إذا كان ثمة ما يستدعي الاستئناف. لكن قد يكون التضرر أكبر حجماً ويتعلق بالتنظيم نفسه فيضطر العضو لأن يرفع أمره للقضاء أو لمجلس خاص طاعناً في قرار إداري أصدره التنظيم (أو جهاز من أجهزة الدولة) ظلمه أو أضر به أو كان مجحفاً في حقه.
فقد تنشئ الدولة مجالس ولجاناً خاصة تتألف من أشخاص ملمين بالنواحي الفنية في طبيعة أنواع معينة من النزاعات لتفصل فيها لأنها قد لا تجد طريقها للمحاكم لأنها غير قابلة للتقاضي. فالمجلس الطبي مثلاً زيادة على أهدافه الأساسية، أقدر من غيره على الفتوى في المسائل ذات الطبيعة الطبية والصحية، وكذلك الحال في المجلس الهندسي، ولجنة محاسبة العاملين، … الخ. فقد يعيد القضاء عضواً لعضوية تنظيم من التنظيمات بعد أن فصل منه إذا كان قرار الفصل مخلاً بشروط العقد المبرم بين العضو والتنظيم، لكن يصعب إلزام أي تنظيم بقبول فرد معين لعضويته إذا رفض التنظيم ذلك.
رغم أن القضاء المستقل هو الضامن لحقوق الأعضاء الأساسية، إلا أنه عادة لا يتدخل في الشئون الداخلية لأي تنظيم من التنظيمات إلا إذا فشل ذلك التنظيم في أن يؤدي دوره المنوط به أو إذا تظلم أي عضو فيه من أن حقوقه السياسية أو المدنية قد هضمت، أو إذا اتضح أن هناك خطأ أو احتيالاً واضحاً قد تم. وحين يتدخل القضاء يكون ذلك بغرض التأكد من أن الأحكام التي استعملها التنظيم كانت معقولة ونفذت بطريقة سليمة وعادلة.
قد يجد بعض أعضاء تنظيم من التنظيمات أنه من الضروري اتخاذ إجراء قانوني نيابة عن التنظيم ضد جهة أخرى إذا عجز المكتب التنفيذي للتنظيم عن ذلك. يحدد عقد التأسيس أو النظام الأساسي عادة عدد الأعضاء الذين يحق لهم أن يقوموا بأي إجراء قانوني نيابة عن التنظيم، وهو عادة بالحجم الذي يمنع أي قلة من أن تستغل هذه الرخصة استغلالاً سيئاً. إذا أقامت هذه المجموعة نيابة عن التنظيم دعوى ضد أي جهة، يجب أن يحاط أعضاء التنظيم علماً بها وبأي تسوية تجرى لاحقاً. ولهذه المجموعة الحق في أن تجد التعويض المناسب عن أتعاب إجراءات التقاضي، على أن يؤول للتنظيم كل ما زاد على ذلك من مكاسب إذا كسبت المجموعة الدعوى.
لكل تنظيم الحق في أن ينجز أعماله في هدوء وبطريقة مشروعة. وغالباً ما يتصرف أعضاؤه أثناء اجتماعاته بانضباط ومسئولية فيستعمل كل واحد منهم اللغة المهذبة في حديثه، ويتوخى اللياقة في معاملة الآخرين. لكن، قد تلتهب عواطف عضو من الأعضاء أحياناً فيشتط في حديثه ويخطئ في حق غيره، أو يخرج على النظام، أو يأتي من الأفعال أو الأقوال أثناء الاجتماع ما يجعل الرئيس أو أي عضو آخر مضطراً لأن ينبهه لفعله، بل قد يعرضه ذلك الفعل أو القول للمساءلة القانونية. لذلك كان من أهم واجبات كل عضو يشارك في أي اجتماع خصوصاً إذا كان من المسئولين فيه أن يكون حذراً في خطابه مؤدباً في سلوكه، ملماً بالنواحي التأديبية التي قد تتخذ ضده إن أساء التصرف، وبالمسائل القانونية الخاصة بمسائل القذف والتشهير وإشانة السمعة والكذب الضار والافتراء وغيرها، التي قد توقعه أو توقع التنظيم نفسه تحت طائلة القانون.
على أي تنظيم أن يضع في نظامه الأساسي أو في لائحته الداخلية أو في لائحة خاصة يسميها مثلاً (لائحة الجزاءات) النصوص اللازمة لكيفية محاسبة أعضائه وتوقيع الجزاءات والعقوبات المختلفة عليهم. تشمل مثل هذه اللائحة الأفعال والمخالفات وعدم مراعاة الأوامر وعدم تنفيذ الواجبات أو التقيد بالالتزامات المكلف بها العضو، والجزاءات النقدية أو المسلكية المقابلة لها. لكن عدم وجود نص صريح بذلك لا يمنع التنظيم من ممارسة حقه في محاسبة ومعاقبة أعضائه.
ولكل عضو الحق في التعبير عن نفسه، لكن يوجب هذا الحق عليه التصرف الحسن كما يوجب عدم استغلاله أداة للفوضى أو الشغب. وعلى كل عضو وهو يتمتع بحقوقه أن يراعي حقوق الأعضاء الآخرين وحقوق التنظيم وحقوق أي طرف آخر يتعامل معه. وحق العضو في أن يعارض آراء غيره في أي اجتماع مضمون، لكن عليه أن يلتزم في معارضته بقواعد وإجراءات المداولات وآداب الحوار. فللعضو الحق مثلاً في أن يشترك في نقاش كل الاقتراحات التي تطرح في كل اجتماع، لكن يجب عليه أن يطلب الكلمة بالطرق السليمة، وأن يتحدث في حدود قواعد الحديث المتفق عليها، وهكذا.
لا يستتب النظام ولا تنتظم الاجتماعات إلا إذا ضمنت قواعدها وإجراءاتها وأوامرها حقوق الأعضاء وغير الأعضاء، وكانت هذه القواعد والإجراءات والأوامر واضحة للجميع، وتصرف الرئيس والأعضاء وفق هذه الضوابط بحكمة. والحفاظ على النظام واحد من أهم واجبات الرئيس في كل اجتماع. أما على الأعضاء فتقع مسئولية تنبيه الرئيس إذا أخطأ في تطبيق قاعدة من قواعد المداولات أو سها عن ملاحظة أي خلل حدث أثناء الاجتماع، أو فات عليه أن يصحح أي خطأ من شأنه أن يقود للفوضى والاضطراب فيه.
والأسباب التي تقود للفوضى والاضطراب والإخلال بالنظام أثناء الاجتماعات عديدة أهمها: رئيس ضعيف الشخصية وجاهل بقواعد وإجراءات المداولات، وعدم التزام الأعضاء أو جهلهم بأحكام النظام الأساسي وقواعد المداولات وإجراءاتها أو بالأوامر المستديمة الواردة في اللائحة الداخلية (أو بالعرف المتبع في الحديث إذا لم تكن للتنظيم أوامر مستديمة).
وتتدرج أنواع الاضطرابات والفوضى في الاجتماع من خرق بسيط ومتعمد للقواعد، وإعاقة سير المداولات، ومضايقة المتحدثين بكثرة الأسئلة إلى العنف بأنواعه. فقد يتحدث عضو دون أن يطلب الكلمة بالطريقة الصحيحة، أو يفشل في أن يحصر نفسه في موضوع النقاش، أو يتحدث ضد اقتراحه، أو يتحدث لمدة أطول من الفترة المسموح له بها، أو يطيل في حديثه إطالة متعمدة، أو يتجه في حديثه مخاطباً عضواً آخر أو يذكره باسمه بدلاً من أن يخاطبه عن طريق الرئيس، أو يطرح اقتراحات أو أسئلة لا معنى لها تعجيزاً للاجتماع من أن يصل لقرار في المسألة المطروحة أمامه، أو يزعج الاجتماع بأي طريقة، أو يشكك في نوايا بعض الأعضاء، أو يتفوه بألفاظ نابية ويخرج في حديثه عن اللياقة وآداب الخطاب، أو يعقب على حديث عضو آخر واصفاً إياه بأنه حديث باطل حين كان عليه أن يقول أن المتحدث أخطأ في استنتاجه أو تحليله مثلاً.
على الرئيس أن يعالج بحكمة أي خلل في أي اجتماع يديره. فعليه قبل أن يوقع عقوبة على أي عضو من الأعضاء أن يطلب منه الاعتذار عن فعله ويستحسن ألا يقوم هو بهذه المهمة إذا أمكن بل ينتظر برهة فقد يقوم عضو آخر بهذه المهمة. إذا اعتذر المخطئ، تنتهي المسألة عند ذلك الحد. إذا لم يفعل، فللرئيس الحق في أن يوقع عليه العقوبة المناسبة أو يحيل المسألة برمتها للجنة لتحقق فيها وترفع توصياتها للاجتماع ليحكم فيها.
لا يلجأ الرئيس للإجراءات التأديبية إلا عند الضرورة القصوى. لكن إذا تأثرت مصالح التنظيم وتعرض بقاؤه للخطر نتيجة سوء تصرف بعض أعضائه، فعليه أن يتخذ ما يراه لازماً وحاسماً دون تردد. وقد يحتاج في بعض الأحوال المستعصية لأن يستنجد بالشرطة لتساعده في أن يستعيد النظام الذي اختل. إذا تضرر أي عضو من حكم أبعده الرئيس بمقتضاه عن الاجتماع مثلاً، فلهذا العضو الحق أن يستأنف للاجتماع على ذلك الحكم.
العقوبات التي يمكن أن ينزلها التنظيم على أعضائه حين يخلُّون بنظمه وأحكامه أو بشروط عضويته أو حين يخالفون التزاماتهم، قد تكون بسيطة فتشمل الاعتذار، أو التنبيه، أو لفت النظر، أو الطرد من الاجتماع، أو التوبيخ، أو اللوم، أو عقوبات أشد تشمل المحاكمة وتعليق العضوية أو الفصل وهي أقصى عقوبة يوقعها التنظيم في حق أعضائه.
أيضاً، للتنظيم الحق في أن يحرم أي عضو من أعضائه من حضور اجتماعاته أو يحرمه من الاشتراك في التصويت إذا كان رهن التحقيق في قضية. كذلك، لا يحق لأي شخص غير عضو في التنظيم أن يحضر أي اجتماع من اجتماعاته إلا إذا دعي للإدلاء برأي أو مشورة أو إلقاء تحية أو كان مراقباً أو ضيفاً.
يحضر الصحفيون ورجال ونساء الإعلام وبعض أفراد أسر الأعضاء ويجلسون في شرفة خاصة ولا يحق لهم التعليق أو التدخل في مجرى المداولات ولا يعتبرون جزءاً من الاجتماع. للرئيس الحق في أن يطلب من أي شخص غير عضو أن يغادر الاجتماع، وليس لذلك الشخص الحق في أن يستأنف على ذلك الحكم بأي طريقة لأي جهة.
إذا توقع الرئيس حدوث أي شغب أو تصرفات يحتمل أن تؤثر على سير الاجتماع، عليه أن يزيد من عدد الحراس في القاعة ويوزعهم في مداخلها وفي الأروقة. على الحرس أن يلبس زياً واحداً ملفتاً للنظر ويحمل صدر كل واحد منهم شارة باسمه. وإذا وجد الرئيس أنه لا يستطيع الحفاظ على النظام في الاجتماع بسهولة، يمكنه أن يرفعه لاستراحة قصيرة ليعطي الأعضاء بعض الوقت لتهدأ فيه أعصابهم المتوترة. أثناء الاستراحة، يمكنه أن يتشاور مع باقي أعضاء المكتب التنفيذي في كيفية ضبط الموقف وتلافي وقوع أي مشاكل أخرى، كما يمكنه أن يدعو لجلسة مغلقة يتشاور فيها أعضاء المكتب التنفيذي وحدهم فيما يمكن عمله.
إذا أخل عضو من الأعضاء إخلالاً بسيطاً بالنظام وذلك بأن خاطب عضواً آخر باسمه أو خرج عن موضوع النقاش مثلاً، للرئيس أن ينقر على المنصة برفق لينبهه لما سيقول ثم يوضح له ما بدر منه. إذا انتبه العضو للخطأ الذي ارتكبه يمكنه أن يواصل حديثه على ألا يخل بالنظام مرة أخرى.
إذا شكك عضو من الأعضاء في نوايا الأعضاء الآخرين متعمداً وذكرهم بأسمائهم، أو إذا واصل الخروج على موضوع النقاش وأخل بالتالي بالنظام إخلالاً بيناً، على الرئيس أن ينبهه أولاً أو يخاطبه قائلاً: “خرج العضو على النظام فليتفضل بالقعود.” إذا جاء التنبيه من عضو، يقف العضو ودون أن يستأذن يقول: “السيد الرئيس، أطلب من العضو الانتظام،” ثم يجلس مباشرة. إذا رأي الرئيس أن النقطة مناسبة، أعلن أن العضو قد خرج على النظام وأمره بالقعود. إذا قعد المتحدث نتيجة تدخل الرئيس أو نتيجة إثارة عضو في الاجتماع لنقطة نظام، على الرئيس أن يقدم المسألة للاجتماع قائلاً: “هل يواصل العضو الحديث؟” وهو سؤال لا يناقش بل يصوت عليه مباشرة، وبالسرعة اللازمة حتى لا تتعطل أعمال الاجتماع.
للرئيس الحق في أن يسمي العضو في المخالفات الكبيرة، وذلك بعد أن ينبهه. وتسمية العضو هي بمثابة تقديم اتهام له قبل محاكمته لاحقاً. وهذه خطوة على كل عضو أن يتفاداها ما أمكن. فإذا رأى الرئيس أنه لا محالة مقدم على مخاطبة العضو باسمه، عليه أن يطلب من أمين المكتب التنفيذي أن يسجل نص حديث العضو خصوصاً العبارات موضع الإخلال بالنظام، ثم يقول: “السيد [ويذكر اسم العضو كاملاً]، لفت الرئيس نظرك مراراً لئلا تكرر الألفاظ النابية التي تفوهت بها بحق بعض الأعضاء في هذا الاجتماع، وطلب منك أن تجلس ثلاث مرات، ومازلت متمادياً في تصرفاتك.”
إذا أنصاع العضو وأعتذر للجهة التي أخطأ في حقها، يمكن أن تسقط المسألة أو لا تسقط حسب ما يرى الاجتماع. فقد يتغاضى الاجتماع عما بدر من العضو إذا اعتذر وسحب كلماته. لكن قد لا يتغاضى الاجتماع عن ذلك الخطأ، وقد لا يقر العضو بذنبه ويتمادى في ما حذره الرئيس منه.
إذا أنكر العضو التهمة التي وجهت إليه، يقرأ الأمين عليه كلماته التي خرج بها على النظام قبل أن يطلب الرئيس من الاجتماع أن يقرر في أمره بالتصويت. إذا أقر الاجتماع بالأغلبية أن العضو قد أخطأ، على العضو أن يعتذر عما بدر منه. أما إذا رفض الانصياع لهذا الحكم ورفض الاعتذار، للاجتماع أن يتخذ خطوات عملية أخرى تتناسب مع حجم المشكلة ونوعها. فإذا كانت المشكلة هي كلمات نابية وصف بها عضواً آخر أو أعضاء آخرين، فإن الرئيس يأمر أو يقرر الاجتماع بالأغلبية أن يغادر الطرفان القاعة أثناء النظر في القضية.
يعطي الرئيس العضو فرصة ليقدم فيها دفاعه عن نفسه في إيجاز وذلك قبل أن يغادر الاجتماع. وبعد مغادرته، يطلب الرئيس من باقي الأعضاء توقيع العقوبة اللازمة عليه قائلاً: “ما هي العقوبة التي يوقعها الاجتماع على العضو؟” إذا كان العضو مندوباً عن هيئة فرعية، فإن الرئيس يبلغ الهيئة التي ينتمي إليها بما بدر منه لتوقع عليه ما ترى من عقوبة. تشمل العقوبات الممكنة الآتي: طرد العضو من الاجتماع، تسجيل صوت لوم له، تعليق عضويته أو فصله من التنظيم.
ليس للرئيس الحق في أن يطرد أي عضو من أي اجتماع، فهذا حق من حقوق الاجتماع نفسه. فللاجتماع الحق في أن يطرد أي عضو من أعضائه لسبب معقول دون أن يحتاج لشهود ودون محاكمة لأن الشهود جميعهم موجودون وهم أعضاء الاجتماع الذي أصدر العقوبة.
نعطي أدناه مثالاً لصوت لوم قدمه عضو لعضو آخر، وكيف عالجه الاجتماع صوت اللوم حين يقدم في حق الرئيس):